هجرة الرسول من مكة الى المدينة المنورة .


الهجرة النبوية الشريفة حدثًا تاريخيًا عظيمًا وبداية للتأريخ الإسلامي الهجري،

وهي حادثة تاريخية وعلامة فارقة في تاريخ الإسلام والمسلمين .


ملخص هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.


فلما ضاقت مكة بأفضل أهلها وخيرهم عند الله، رسول الله ﷺ واصحابه،


 جعل الله للمسلمين فرجاً ومخرجاً،


 فأذن لهم بالهجرة إلى المدينة حيث النصرة، 


وقبول الحق.

 

 

متى هاجر النبى من مكه الى المدينه؟


هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،


من مكة إلى المدينة في اليوم السابع والعشرين من صفر من السنة الثالثة عشر للبعثة،


 والذي يوافق اليوم الثالث عشر،


 من الشهر التاسع من عام ستمئة واثنين وعشرين من السنة الميلادية.



 و الجدير بالذكر إنَّ عام 1 للهجرة ،


 يوافق عام 622 ميلادية، 


وقد استمرَّت الهجرة حتَّى فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة ،


فكلُّ من هاجر في هذه الفترة سُمِّي مهاجرًا، والله تعالى أعلم. 



أسباب هجرة الرسول من مكة إلى المدينة.


لم يكن قرار الهجرة إلى المدينة المنورة قرارًا عشوائيًا،


 فالنبيُّ ﷺ لا ينطق عن الهوى،


 وإنَّما أوامره وحي من الله تعالى العليم الحكيم،

 
ولذلك كانت أسباب هجرة الرسول إلى المدينة المنورة مع أصحابه كثيرة ومنطقية، 


ومن اهم هذه الأسباب:

  


 التخلص من المؤامرات والمخططات لقتل الرسول ﷺ.


لقد عارضت قريش الدين الجديد وحاربته ودعت الناس إلى مقاطعة المسلمين تمامًا،


مع أنَّ رسول الله ﷺ،


 كان شديد الحرص على دخول قومه في الإسلام،


 إلَّا أن قريش أصرَّت على حرب المسلمين فلم تترك لهم خيارًا سوى الهجرة إلى المدينة.


  الأذى الذي تعرض إليه رسول الله ﷺ.


لقد تعرَّض رسول الله  ﷺ لأنواع من الأذى والعذاب في الكلام وفي الأفعال،


فقد روى عبد بن الله بن عمرو رضي الله عنه قال:


 بيْنَما رَسولُ اللَّهِ  ﷺ  يُصَلِّي بفِنَاءِ الكَعْبَةِ،


 إذْ أقْبَلَ عُقْبَةُ بنُ أبِي مُعَيْطٍ فأخَذَ بمَنْكِبِ رَسولِ اللَّهِ ﷺ،


 ولَوَى ثَوْبَهُ في عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ به خَنْقًا شَدِيدًا،


 فأقْبَلَ أبو بَكْرٍ فأخَذَ بمَنْكِبِهِ ودَفَعَ عن رَسولِ اللَّهِ ﷺ.


 وقالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وقدْ جَاءَكُمْ بالبَيِّنَاتِ مِن رَبِّكُمْ}[٣]"[٤].
 

      العذاب الذي تعرض إليه المسلمون.


عذَّبت قريش كلَّ من أسلم مع رسول الله ﷺ،


  وخاصة المستضعفين منهم،


 فآل ياسر الذي تعرضوا للتعذيب الشديد والقتل، 


فكانت سميَّة أم عمار بن ياسر رضي الله عنها أول شهيدة في الإسلام، 


وقد قتلها المشركون أثناء تعذيبها وتعذيب زوجها وولدها عمار.



       استعداد المدينة المنورة .


لقي رسول الله  ﷺ عند العقبة في موسم الحج جماعة من الأنصار فدعاهم إلى الإسلام،


 وكانوا قد سمعوا بنبي آخر الزمان عند يهود المدينة فأسلموا .


 وفي العام التالي جاء إلى مكة اثنا عشر رجلًا من الأنصار، بعضهم ممن أسلم في العام السابق، فبايع هؤلاء رسول الله  .


 ثم وفي وسط أيام التشريق،


بايع عدد من الأنصار رسول الله ﷺ،


وأخبروه أنَّ المدينة مهيّأة تمامًا لاستقبال المسلمين.



طريق هجرة الرسول من مكة إلى المدينة.


 أذن الله  تعالى  لرسوله ﷺ  بالهجرة إلى المدينة،


 وكان يتردد على بيت أبي بكر كل يوم صباحاً ومساء،


 فلما أذن له بالهجرة جاءهم ظهراً على غير عادته وهو مُتقنع،


 فأخبر أبا بكر بذلك.


 وتم اختيار وقت الظهر لأن الناس تأوي إلى بيوتها للقيلولة فراراً من الحر، 


قال  تعالى :


 وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. 
(الأنفال 30).


هجرة الرسول مع أبو بكر الصديق.

هاجر رسول الله ﷺ رفقة أبي بكر الصديق  رضي الله عنه  إلى المدينة المنورة،


 وقد مرَّ أثناء هجرته بمراحل تُقسم بحسب المناطق التي سار فيها وتوقف عندها وبات لياليه فيها.


خريطة هجرة الرسول.



من مكة إلى غار ثور.


حين همّ النبيّ  ﷺ  بالخروج من مكّة المكرّمة،


 تحرّكت عاطفة المحبّة لوطنه،


 واستحضر مكانتها العظيمة في وجدانه؛


 لوجود البيت الحرام فيها .


 فقال مودّعاً إيّاها،


ما أطيبَكِ مِن بلدةٍ وأحَبَّك إليَّ، 


ولولا أنَّ قومي أخرَجوني منكِ ما سكَنْتُ غيرَكِ،[6]


و في السابع والعشرين من شهر صفر في السنة الثالثه عشر للبعثة،


 اجتمع رسول الله ﷺ مع أبي بكر الصديق  رضي الله عنه  وخرجا سرًا من مكة المكرمة باتجاه المدينة المنورة .


ولكنَّ رسول الله   ﷺ  تنبَّه إلى أنَّ المشركين سيسلكون الطريق الرئيس المتجه نحو المدينة وهو الطريق الشمالي.


فسلك مع صاحبه الطريق الجنوبي وصولًا إلى جبل ثور وهناك أقاما في غار ثور.


طريق هجرة الرسول من مكة إلى المدينة.
خريطة هجرة الرسول.



 الإقامة في غار ثور.


 وفي طريق السّير كان أبو بكرٍ الصديق يمشي ساعةً أمام النبي  ﷺ  وساعةً خلفه؛ 
من فرط خوفه عليه ومحبّته له  ﷺ .


 وعند وصولهما إلى غار ثورٍ لم يقبل أبو بكر إلّا أن يدخل قبل النبيّ  ﷺ  ويتحسّس المكان؛


 ليتفقّده ويتأكّد من أمنه، ثمّ دخل رسول الله ومكث مع أبي بكرٍ في الغار.[٨]


و فى أثناء إقامة رسول الله  ﷺ  وصاحبه في غار ثور،


 لحقت بهما جماعة من قريش .


 وفي هذه الحادثة روى أبو بكر الصديق ،
 

 رضي الله عنه قال:


 قُلتُ للنبيِّ  ﷺ  وأَنَا في الغَارِ: لو أنَّ أحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، 
فَقَالَ: ما ظَنُّكَ يا أبَا بَكْرٍ باثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا[٦].



وصول الرسول إلى المدينة .


 بعد أن نجا رسول الله  ﷺ  وأبو بكر الصديق  رضي الله عنه  من خطر المشركين في غار ثور.



وصل رسول الله وصاحبه إلى خيمة أم معبد، فنزلا بها وسألا عن شيء من الطعام يأكلانه، فلم يجدا عند أم معبد إلَّا شاة هزيلة نحيفة لا لبن فيها.



 فمسح رسول الله بيده على ضرع الشاة فبارك الله فيها فحلبت وشرب الجميع منها،



 وبعد عذاب الطريق ومعاناة المسير وصل رسول الله ﷺ  وصاحبه إلى المدينة المنورة بإذن الله تعالى.

 


كم يوم استغرقت هجرة النبى من مكه الى المدينه؟



استمرت رحلة الهجرة النبويه من مكه إلى المدينة لمدة 8 أيام،


 بتاريخ اليوم الأول من ربيع الأول من العام الأول للهجرة 


(9 سبتمبر 622م الموافق)،

  (الخميس 26 صفر 1 هـ ).


غادر عليه الصلاة والسلام مكة ومكث ثلاثة أيام في غار ثور بالقرب من مكة،


 من يوم الاثنين 1 ربيع الأول 1 هـ ،

 حتى 13سبتمبر 622م،


 غادر جبل ثور متجها إلى منطقة يثرب،


الاثنين 8 ربيع الأول 1 هـ 20سبتمبر 622م ،


وصل إلى قباء بالقرب من المدينة المنورة،


 ومكث فيها عدة أيام  الجمعة 12 ربيع الأول 1 هـ 24 سبتمبر 622م.


واذا أردنا استخلاص المدة الحقيقية دون حساب أيام المكوث او الاستقرار،


 فان المدة الاجمالية هى 26 يوما،


 اذا طرح منها ثلاث ايام بالغار + خمسة ايام بقباء قبل زيارة المدينة وصلاة الجمعة + 10أيام مكوثا بقباء ثانية،


 قبل الاستقرار بالمدينة فان الوقت الفعلى للهجرة هو 8 أيام .


دليل الرسول فى الهجرة الى المدينه.

هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة،


 مع صاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه فكان دليلهما في هذه الرحلة المباركة عبد الله بن أريقط .


و لم يكن مسلما وكان على دين قريش ،


وعلى الرغم من ذلك استعان به النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته من مكة إلى المدينة أو (يثرب) كما كانت تسمى من قبل .



اهداف الهجرة  إلى المدينة .


تعتبر هجرة الرسول إلى المدينة المنورة علامة فارقة في تاريخ الإسلام والمسلمين،


 فقد نتجت عنها نتائج عظيمة وكان لها آثار إيجابية كبيرة على المسلمين بشكل عام، 


وكانت بداية إنشاء الدولة الإسلامية الكبيرة التي حكمت الشرق كلَّه فيما بعد، 


ومن أهم نتائج هجرة الرسول إلى المدينة المنورة ما يأتي:


  •  إقامة دولة إسلامية عظيمة تضم المسلمين ويحكم فيها بين الناس بشرع الله تعالى.

  •  النجاة من بطش المشركين والإقامة في بيئة آمنة على المسلمين جميعًا.

  •  رسَّخت الهجرة النبوية مبدأ الإخاء بين المسلمين من خلال الأخوة العظيمة التي كانت بين المهاجرين والأنصار.

  •  أدت الهجرة إلى اجتماع المسلمين في بلد واحد دون أحقاد ولا أضغان، بل كان اجتماعًا صافيًا بقلوب صافية وتحت راية واحدة وهي راية التوحيد.

  =========================================================================

المراجع(+)

[١] أحمد بن فارس (1979)، معجم مقاييس اللغة، دمشق: دار الفكر، صفحة 34، جزء 6. بتصرّف.
[2] د.أمين الدميري (29-9-2017)، "تعريف الهجرة في الإسلام".
[3]سورة غافر، آية: 28.
[4] رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 4815، صحيح.
[5] "الهجرة النبوية الشريفة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 04-06-2019. بتصرّف.
[6] رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3709، أخرجه في صحيحه.
[7] رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم: 3653، صحيح.
[8] أبو الحسن الندوي (2004)، السيرة النبوية (الطبعة الثانية عشرة)، دمشق: دار ابن كثير، صفحة 225-241. بتصرّف.

تعليقات