تُعد رحلة الحج و العمرة من أسمى الرحلات في حياة المسلم، تتوجّه فيها القلوب والأجساد نحو بيت الله الحرام.
لضمان صحة هذه المناسك وقبولها، وضع الإسلام حدودًا مكانية وزمانية للإحرام تُعرف بـ "المواقيت".
ومن بين هذه المواقيت العظيمة،
يبرز "ميقات ذات عرق" كبوابة تاريخية وروحية لملايين الحجاج والمعتمرين القادمين من العراق وبلاد المشرق عبر العصور.
هذا المقال يقدم دليلاً شاملاً حول،
ميقات ذات عرق،
موقعه، أحكامه، وتطوره، مع توضيح للمفاهيم المتعلقة بالمواقيت بشكل عام، ليكون عوناً لكل من ينوي أداء هذه الفريضة المباركة.
 |
| ميقات ذات عرق الجديد. |
هذه المواقيت ليست مجرد نقاط جغرافية على الخريطة،
بل هي محطات روحية فارقة تُعلن بداية التجرد والاستعداد للعبادة،
وتؤكد على تعظيم شعائر الله وحرمة بيته العتيق.
إن فهم هذه المواقيت والالتزام بها يُعد ركيزة أساسية في أداء النسك على الوجه الصحيح.
فالتهاون في معرفتها أو تجاوزها دون إحرام قد يؤدي إلى نقص في النسك،
وربما يستوجب الفدية،
مما يؤكد على الأهمية القصوى للفقه الدقيق في مسائل الحج والعمرة.
الميقات في الإسلام:
مفهومه وأنواعه.
ماهو الميقات؟
الميقات في اللغة، هو الوقت المضروب لشيء أو الوعد الذي جُعل له وقتًا محددًا. ويُطلق هذا المصطلح أيضًا على المكان الذي يُجعل للشيء وقتًا، كما في سياق ميقات الحج.
أما الميقات فى الاصطلاح الشرعي، فالميقات هو الزمن المحدد لأداء النسك (الحج أو العمرة) والموضع الذي يجب على الحاج أو المعتمر أن يُحرم منه.
تكمن الأهمية الجوهرية للمواقيت في كونها من واجبات الحج والعمرة،
إذ يُعد الإتيان بها شرطًا لإتمام النسك.
و هي أولى الأفعال والمقاصد التي يلتزم بها الحاج أو المعتمر.
هذا المفهوم ذو طبيعة مزدوجة،
حيث يشمل المواقيت الزمانية والمكانية.
- المواقيت الزمانية: تحدد الإطار او الوقت الزمني لأداء الحج،
- بينما المواقيت المكانية: تحدد النقطة الجغرافية التي يجب أن يبدأ منها الإحرام.
هذا التحديد الدقيق ليس مجرد تفصيل فقهي،
بل هو أساس لضمان صحة النسك،
فعدم الالتزام بأي من هذين البعدين قد يؤدي إلى نقص في العبادة أو وجوب الفدية.
على سبيل المثال،
محاولة أداء الحج خارج أشهره المعلومة،
أو تجاوز الميقات المكاني دون إحرام،
كلاهما يُعد مخالفة شرعية تستوجب تصحيحًا أو كفارة.
كم عدد المواقيت؟
حدد النبي محمد صل الله عليه وسلم،
وقد أجمع الفقهاء على هذه المواقيت الخمسة كحدود لا يجوز للحاج أو المعتمر تجاوزها دون الإحرام.
أما المواقيت الزمانية،
فللحج أشهر معلومات محددة،
وهي: أشهر شوال وذو القعدة، والعشر الأول من ذي الحجة.
و لا يصح الإحرام للحج في غير هذه الأشهر.
في المقابل، العمرة تتميز بمرونة أكبر،
حيث يمكن أداؤها في أي وقت من السنة، وليس لها زمن معين كالحج.
المواقيت المكانية للحج والعمرة.
تتوزع المواقيت المكانية الخمسة حول مكة المكرمة لتغطي جميع جهات قدوم الحجاج والمعتمرين،
وتختلف في بُعدها وقربها من مكة حسب جهة القدوم.
1. ذو الحليفة (أبيار علي):
يُعد ميقات ذو الحليفه الأبعد عن مكة المكرمة، حيث يبعد عنها حوالي 408 إلى 450 كيلومترًا شمالاً. وهو الميقات المخصص لأهل المدينة المنورة ومن يمر بها من الحجاج والمعتمرين.
2. الجحفة (رابغ):
يقع ميقات الجحفه ( رابغ ) شمال غرب مكة، ويبعد عنها حوالي 180 إلى 200 كيلومتر. هو ميقات أهل الشام ومصر والمغرب العربي ومن جاء عن طريقهم. وقد اندثرت معالم الجحفة الأصلية،
لذا يُحرم الناس اليوم من رابغ القريبة منها.
3. قرن المنازل (السيل الكبير):
يقع ميقات قرن المنازل شرق مكة، ويبعد عنها حوالي 75 إلى 94 كيلومترًا. وهو ميقات أهل نجد والطائف ومن في طريقهم،
مثل القادمين من الرياض.
4. يلملم (السعدية):
يقع ميقات يلملم ( السعديه ) جنوب مكة، ويبعد عنها مسافة تتراوح بين 54 إلى 130 كيلومترًا. هو ميقات أهل اليمن وتهامة والمناطق الجنوبية للسعودية ومن أتى عليه. يُحرم الناس حاليًا من مسجد السعدية الجديد الواقع جنوب مكة.
5. ذات عرق (الضريبة):
يقع هذا الميقات شمال شرق مكة، ويبعد عنها مسافة تتراوح بين 90 إلى 110 كيلومترات. وهو الميقات المخصص لأهل العراق وشمال السعودية ومن في طريقهم من أهل المشرق.
يجدر بالذكر أن تطور وسائل النقل الحديثة، وخاصة السفر الجوي،
أحدث تغييرًا في،
فالحجاج والمعتمرون القادمون جوًا يُلزمون بـ الإحرام بالطائرة عند محاذاة أحد هذه المواقيت، حتى لو لم يهبطوا فيها فعليًا.
هذا التكيف الشرعي مع الواقع المعاصر يضمن استمرار الالتزام بالواجبات الدينية دون حرج.
كما أن بعض المواقيت شهدت تطورات في مرافقها أو تم استبدال نقاط الإحرام بها بقرى قريبة أكثر حيوية،
مثل رابغ بدلاً من الجحفة، والسعدية بدلاً من يلملم القديم.
هذه التطورات تعكس مرونة الفقه الإسلامي في استيعاب المستجدات مع الحفاظ على جوهر الشعيرة.
لتسهيل استيعاب هذه المعلومات،
يُقدم الجدول التالي ملخصًا للمواقيت المكانية:
المواقيت المكانية للحج والعمرة.
|
اسم الميقات |
يُوقَّت لأهل (البلاد/الجهات) |
الموقع التقريبي (الاتجاه من مكة) |
المسافة التقريبية من مكة (بالكيلومتر) |
الاسم الشائع حالياً (إن وجد) |
|
ذو الحليفة |
المدينة المنورة ومن يمر بها |
شمال غرب |
408 - 450 |
أبيار علي |
|
الجحفة |
الشام، مصر، المغرب العربي |
شمال غرب |
180 - 200 |
رابغ |
|
قرن المنازل |
نجد، الطائف، ومن في طريقهم |
شرق |
75 - 94 |
السيل الكبير |
|
يلملم |
اليمن، تهامة، جنوب السعودية |
جنوب |
54 - 130 |
السعدية |
|
ذات عرق |
العراق، شمال السعودية، أهل المشرق |
شمال شرق |
90 - 110 |
الضريبة |
ميقات ذات عرق:
تفاصيل الموقع والأحكام.
ميقات ذات عرق أين يقع؟
يقع ميقات ذات عرق في الجهة الشمالية الشرقية من مكة المكرمة، ويبعد عنها مسافة تتراوح بين 90 إلى 110 كيلومترات.
يُعرف هذا الميقات حاليًا باسم "الضريبة"،
وهي منطقة بادية تُعتبر الحد الفاصل بين نجد وتهامة.
تعود تسمية "ذات عرق" إلى جبل يرتفع نحو 1141 مترًا عن مستوى سطح البحر،
ويعلوه "عرق" أسود يمتد لمسافة تقدر بحوالي 1500 متر من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي.
هذا المعلم الجغرافي البارز هو ما أعطى الميقات اسمه.
ميقات أهل العراق.
ميقات ذات عرق هو الميقات الشرعي المخصص لأهل العراق ومن في طريقهم من دول المشرق الإسلامي، بما في ذلك إيران.
من المهم جدًا التمييز بين هذا الميقات وميقات أهل الشام (سوريا، الأردن، فلسطين، لبنان) ومصر والمغرب العربي، فميقاتهم هو الجحفة، أو رابغ حاليًا، وليس ذات عرق.
هذا التوضيح يزيل أي لبس قد يقع فيه الحجاج والمعتمرون القادمون من هذه المناطق المختلفة.
ميقات العقيق:
هل هو ذات عرق؟
تثار أحيانًا تساؤلات حول العلاقة بين ميقات ذات عرق وميقات آخر يُسمى "العقيق".
هذا الأمر ينطوي على بعض التفاصيل الفقهية والتاريخية.
هناك خلاف بين العلماء حول توقيت ذات عرق، هل هو بنص صريح من النبي صل الله عليه وسلم، أم باجتهاد من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
الراجح عند كثير من أهل العلم أنه بتوقيت النبي صل الله عليه وسلم، وأن اجتهاد عمر رضي الله عنه وافق فيه توقيت النبي.
وقد أجمع العلماء على أن الإحرام من ميقات ذات عرق صحيح ومعتبر.
أما عن العلاقة بالعقيق،
فقد ورد في بعض الأحاديث أن النبي صل الله عليه وسلم وقت لأهل المشرق "العقيق".
لجمع هذه الروايات، قدم العلماء عدة أقوال:
- ذهب بعضهم إلى أن العقيق هو وادٍ كبير يمتد من منطقة المسلخ وصولاً إلى ذات عرق، مما يعني أن ذات عرق جزء من العقيق.
- رأي آخر يرى أن ذات عرق هو ميقات الوجوب، بينما العقيق ميقات للاستحباب لأنه أبعد من ذات عرق، وبالتالي الإحرام منه يُعد أحوط.
- هناك من فسر الأمر بأن العقيق كان ميقاتًا لبعض العراقيين (مثل أهل المدائن)، بينما ذات عرق كان ميقاتًا لآخرين (مثل أهل البصرة).
- وقيل إن ذات عرق كانت في الأصل في موضع العقيق ثم حُولت وقربت إلى مكة، مما يجعلهما شيئًا واحدًا من الناحية العملية.
- القول الراجح عند كثير من أهل العلم أن ذات عرق هو الميقات المعتمد لأهل العراق، وأن الأحاديث التي تشير إلى العقيق كـ "ميقات أهل المشرق" قد تكون ضعيفة أو لا تثبت. ومع ذلك، يرى بعض الفقهاء أن الإحرام من العقيق أولى وأفضل.
مقارنة بين ميقات ذات عرق والعقيق.
|
المعيار |
ميقات ذات عرق |
ميقات العقيق |
نقطة الالتقاء/الخلاف |
|
التوقيت النبوي |
الراجح أنه وقّته النبي صل الله عليه وسلم، واجتهاد عمر وافق السنة. |
ورد في بعض الأحاديث أنه ميقات لأهل المشرق، لكن صحة هذه الأحاديث محل خلاف. |
خلاف في صحة الحديث عن العقيق، والراجح أن ذات عرق هو الميقات
المعتمد. |
|
اجتهاد عمر |
عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقّته لأهل العراق باجتهاد منه، ووافق السنة. |
لم يرد ما يدل على توقيته باجتهاد عمر. |
عمر رضي الله عنه وقت ذات عرق استجابة لحاجة أهل العراق. |
|
العلاقة الجغرافية |
يُعرف حالياً باسم الضريبة، يقع شمال شرق مكة. |
وادٍ يندفق سيله في غور تهامة، وبعض العلماء يرى أنه يمتد ليشمل ذات عرق. |
بعض الآراء تعتبر ذات عرق جزءاً من العقيق، والبعض يراهما
منفصلين. |
|
الاستخدام الفقهي |
الميقات المعتمد لأهل العراق ومن في طريقهم. |
بعض الفقهاء يرون الإحرام منه أحوط أو أفضل لأنه أبعد. |
ذات عرق هو ميقات الوجوب، والعقيق قد يكون ميقات استحباب أو لبعض
المناطق. |
ميقات ذات عرق الجديد.
شهد ميقات ذات عرق مشروعًا لتطوير وتجديد مرافقه، بهدف تحسين الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين.
يضم هذا المشروع الجديد مسجدًا واسعًا، بالإضافة إلى عيادة طبية، ومكاتب إدارية للجهات الحكومية ذات العلاقة، ومبنى مخصص للتوعية والإرشاد الديني.
كما يشمل المشروع سكنًا للإمام والمؤذن، وسكنًا للعاملين والعاملات، وآخر للضيوف، ومركز خدمات للسيارات، وقناة محيطة بالمشروع لدرء أخطار السيول، وجسرين لدخول السيارات والحافلات، بالإضافة إلى مواقف واسعة للسيارات والحافلات.
هذا المشروع الطموح يعكس حرص الجهات المعنية على توفير بيئة متكاملة ومريحة لضيوف الرحمن.
ومع ذلك، تشير بعض المصادر إلى أن المشروع لم يكتمل بعد، وقد واجه بعض التوقفات في فبراير 2023.
بينما ذكرت وزارة الشؤون الإسلامية في فبراير 2019 أن العمل يمضي وفق ما خُطط له.
هذه المعلومات تشير إلى أن المشروع قد يكون واجه تحديات أو تأخيرات في التنفيذ.
إن وجود مثل هذه المشاريع التطويرية،
حتى لو كانت في طور الإنجاز،
يؤكد على الأهمية المستمرة لـ ميقات ذات عرق كمركز حيوي للحجاج والمعتمرين، ويعكس التزامًا بتحديث وتطوير الخدمات المقدمة لهم.
يتطلب هذا من الحجاج التحقق من أحدث المعلومات حول حالة تشغيل المرافق قبل رحلتهم.
هل ميقات ذات عرق مستخدم حالياً؟
ميقات ذات عرق لا يزال ميقاتًا شرعيًا معتمدًا لأهل العراق ومن في طريقهم.
ومع ذلك، فإن استخدامه المباشر في العصر الحديث قد قلّ مقارنة ببقية المواقيت،
خاصة بعد تمهيد طريق السيارات المار بالسيل الكبير (ميقات قرن المنازل)،
والذي أصبح طريقًا رئيسيًا لبعض القادمين من الشرق.
الحجاج العراقيون حاليًا يأتون براً بشكل رئيسي عبر منفذ جديدة عرعر بمنطقة الحدود الشمالية السعودية، في دفعات متتالية ومن محافظات عراقية مختلفة.
هذا الطريق الحديث لا يمر مباشرة بذات عرق.
هذا الواقع يؤكد على ضرورة فهم الحجاج لمفهوم "محاذاة الميقات".
فإذا كان مسار رحلتهم لا يمر مباشرة بالميقات المخصص لهم، فعليهم الإحرام عند محاذاته جوًا أو برًا.
على سبيل المثال،
قد يجد الحجاج العراقيون أنفسهم يمرون بمحاذاة ميقات قرن المنازل (السيل الكبير) إذا جاءوا عبر نجد أو الرياض،
مما يجعل الإحرام من هذا الميقات جائزًا لهم.
هذا التباين بين الميقات التاريخي المحدد والطرق الحديثة يتطلب من الحاج المعرفة الدقيقة بمساره لضمان صحة إحرامه، سواء بالإحرام من ذات عرق مباشرة إذا مر به، أو من ميقات آخر يحاذيه أو يمر به فعليًا.
أحكام الإحرام من المواقيت.
وجوب الإحرام من الميقات وعدم تجاوزه.
يُعد الإحرام من الميقات واجبًا شرعيًا على كل من يقصد مكة المكرمة لأداء مناسك الحج أو العمرة.
الإحرام هو الدخول في هذه العبادة بالنية القلبية والتلفظ بالتلبية،
مع الامتناع عن محظورات الإحرام المحددة،
مثل لبس المخيط للرجال، وأخذ الشعر أو الأظفار، واستعمال الطيب.
يُكره الإحرام قبل الميقات،
إلا إذا خشي الحاج أو المعتمر فوات الميقات دون أن يتمكن من الإحرام، ففي هذه الحالة لا بأس بالإحرام قبله احتياطًا.
ومع ذلك، فإن الإحرام الصحيح والمعتد به هو ما يتم من الميقات نفسه، أو عند محاذاته.
حكم تجاوز الميقات بدون إحرام:
وما يترتب عليه (الفدية).
إذا تجاوز الحاج أو المعتمر الميقات دون أن يُحرم، وهو قاصد لأداء النسك (الحج أو العمرة)،
فإنه يلزمه الرجوع إلى الميقات الذي مر به ليُحرم منه.
هذا الرجوع واجب لكون الإحرام من الميقات واجبًا من واجبات الحج.
في حال لم يتمكن الحاج أو المعتمر من الرجوع إلى الميقات،
سواء كان ذلك لعذر شرعي،
(مثل الخوف على النفس أو المال، أو وجود أطفال يصعب عليهم الرجوع)
أو بتعمد – أو أحرم بعد تجاوز الميقات،
فإنه يلزمه فدية.
هذه الفدية تكون بذبح شاة،
وتُعد بمثابة جبران للنقص الذي وقع في النسك.
هذا الحكم يؤكد على مدى جدية وضرورة الالتزام بحدود المواقيت.
تُظهر هذه الأحكام توازنًا دقيقًا في الشريعة الإسلامية بين وجوب الالتزام بالشعائر والتيسير على المسلمين في حالات الضرورة.
فالشريعة تلزم الحاج بالواجبات،
ولكنها تراعي الظروف التي قد تمنعه من أدائها على أكمل وجه،
فتوجب الفدية كبديل.
هذا يضمن أن النسك يظل صحيحًا مع تعويض النقص.
هناك حالات خاصة يجب الانتباه إليها:
- ركاب الطائرة: يجب على ركاب الطائرة الإحرام عند محاذاة الميقات جوًا، أو قبل ذلك بقليل احتياطًا لضمان عدم تجاوز الميقات دون إحرام.
- من لا يريد الحج أو العمرة: إذا كان الشخص يمر بالميقات دون نية لأداء الحج أو العمرة، كأن يكون مسافرًا لزيارة شخص أو لغرض تجاري، فليس عليه إحرام ولا يلزمه شيء. هذا يوضح أن النية القلبية هي أساس وجوب الإحرام.
- من كان مكانه بين مكة والميقات: مثل احرام أهل جدة، يُحرمون من مكانهم للحج والعمرة.
- أهل مكة: يُحرمون للحج من مكة نفسها. أما للعمرة، فيجب عليهم الخروج إلى أقرب مكان خارج حدود الحرم، مثل مسجد أم المؤمنين عائشة في التنعيم، أو الجعرانة، أو عرفات، ثم يعودون إلى مكة لأداء مناسك العمرة.
هذا الحكم يضمن الجمع بين الحل والحرم، وهو شرط لصحة العمرة لأهل مكة ومن في حكمهم.
يُقدم الجدول التالي ملخصًا لأحكام تجاوز الميقات:
ملخص أحكام تجاوز الميقات بدون إحرام.
|
الحالة |
الحكم الشرعي (الواجب) |
ما يترتب عليه (الفدية/لا شيء) |
ملاحظات/تفاصيل إضافية |
|
تجاوز الميقات بقصد النسك (الحج/العمرة) |
يجب الرجوع إلى الميقات والإحرام منه. |
إذا لم يتمكن من الرجوع (لعذر أو تعمد)، يلزمه فدية (ذبح شاة). |
الفدية لجبر النقص في النسك. |
|
تجاوز الميقات دون قصد النسك |
لا شيء يلزمه. |
لا فدية. |
لا يجب الإحرام على من لا ينوي الحج أو العمرة. |
|
تجاوز الميقات بعذر (خوف، أطفال) |
يُحرم من مكانه بعد التجاوز. |
يلزمه فدية (ذبح شاة). |
العذر يسقط الإثم لكن لا يسقط الفدية. |
|
الإحرام من مكان بين الميقات ومكة (مثل أهل جدة) |
يُحرم من مكانه. |
لا شيء يلزمه. |
هذا حكم خاص بمن يسكن داخل حدود المواقيت وخارج الحرم. |
|
الإحرام من مكة للحج (لأهل مكة) |
يُحرم من مكة نفسها. |
لا شيء يلزمه. |
لا يحتاج أهل مكة للخروج من الحرم للإحرام بالحج. |
|
الإحرام من مكة للعمرة (لأهل مكة) |
يجب الخروج إلى الحل (خارج حدود الحرم) للإحرام. |
إذا أحرم من الحرم مباشرة، فعليه دم عند بعض العلماء. |
مثل التنعيم أو الجعرانة، لجمع الحل والحرم. |
|
راكب الطائرة عند محاذاة الميقات |
يجب الإحرام عند المحاذاة أو قبلها بقليل. |
إذا تجاوز الميقات دون إحرام، يلزمه الرجوع أو الفدية. |
الإحرام يكون في الجو. |
الإحرام من مكة للعمرة:
(لأهل مكة ومن في حكمهم).
لأهل مكة المكرمة ومن يقيمون فيها،
(وهم ما يُعرفون بـ "أهل الحرم") أحكام خاصة بالإحرام.
فإذا أرادوا أداء فريضة الحج،
فإنهم يُحرمون من مكة نفسها، من أي مكان داخل حدود الحرم.
أما إذا أرادوا أداء العمرة، فالأمر يختلف.
يجب عليهم الخروج إلى أقرب مكان خارج حدود الحرم، والذي يُسمى "الحل".
من أشهر هذه الأماكن مسجد أم المؤمنين عائشة في التنعيم، أو الجعرانة، أو عرفات.
بعد الوصول إلى "الحل"، يُحرمون من هناك ثم يعودون إلى مكة لأداء مناسك العمرة.
هذا الحكم ينطبق على جميع المقيمين داخل الحرم،
سواء كانوا من أهل مكة الأصليين أو زائرين مقيمين فيها،
وذلك لأن العمرة تتطلب الجمع بين الحل والحرم.
هذا التمييز يضمن أن كل نسك يؤدى وفقًا لضوابطه الشرعية المحددة.
الخلاصة والتوصيات.
يُعد ميقات ذات عرق،
كبوابة تاريخية وروحية لأهل العراق وبلاد المشرق، جزءًا لا يتجزأ من منظومة المواقيت الشرعية التي تضمن صحة وتمام مناسك الحج والعمرة.
على الرغم من التغيرات في طرق السفر الحديثة، فإن الالتزام بحدوده أو محاذاته يبقى واجبًا شرعيًا على كل من يقصد البيت الحرام.
إن معرفة هذه الأحكام وتطبيقها بدقة يُعد مفتاحًا لأداء نسك مقبول ومبرور.
لضمان أداء نسك صحيح ومقبول،يُقدم هذا التقرير النصائح الختامية التالية للحجاج والمعتمرين:
- التخطيط المسبق: يجب على كل حاج ومعتمر التخطيط لرحلته بعناية، والتأكد من الميقات المناسب لجهة قدومه ووسيلة سفره (براً أو جوًا)، مع الأخذ في الاعتبار الطرق الحديثة التي قد لا تمر مباشرة بالميقات التقليدي.
- الاستعداد للإحرام: يُنصح بتجهيز ملابس الإحرام، والاغتسال والتطيب قبل الوصول إلى الميقات أو محاذاته، ليكون الحاج على أتم الاستعداد البدني والروحي.
- عقد النية والتلبية: الحرص على عقد النية القلبية الصادقة لأداء النسك (الحج أو العمرة) والتلفظ بالتلبية عند الوصول إلى الميقات أو محاذاته، فهذا هو الدخول الفعلي في الإحرام.
- تجنب محظورات الإحرام: يجب على المحرم معرفة والالتزام التام بما يحرم عليه فعله بمجرد الدخول في الإحرام، لتجنب أي نقص أو فدية.
- طلب العلم والاستفسار: يُنصح بشدة بالاستفسار من المصادر الشرعية الموثوقة أو استشارة العلماء لأي مسائل تتعلق بالإحرام والمناسك قد تبدو غير واضحة أو تستجد أثناء الرحلة.
- التركيز على الجانب الروحي: تذكر دائمًا أن الإحرام هو بداية رحلة روحية عميقة تهدف إلى التقرب إلى الله عز وجل والتجرد من زينة الدنيا، مما يعزز الخشوع والتركيز على العبادة.
اترك تعليقك اذا كان لديك اى تساؤل عن الموضوع